اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 441
في بحر الغفلة والغرور البطرين بما معهم من اللذة والشرور وسمعتم ايضا أحوالهم واهوالهم عاجلا وآجلا بسبب كفرانهم وطغيانهم
فَكُلُوا أنتم مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ المصلح لأحوالكم حَلالًا مباحا بحسب الشرع طَيِّباً مما كسبتم بيمينكم على مقتضى سنة الله وحكمته وجرى عادته من خلق الأيدي والأرجل للمكاسب او مما اتجرتم وربحتم وهو ايضا معدود من الكسب وَبالجملة اشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ الذي قد أقدركم ومكنكم على الكسب إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ اى تطيعون وتقصدون عبادته برفع الوسائل والأسباب العادية عن البين
إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ اى اعلموا ان ربكم ما حرم عليكم في دينكم هذا الا الميتة المائتة حتف انفه بلا تذكية وتسمية وَايضا قد حرم الدَّمَ المسفوح السائل من الحيوانات وَقد حرم ايضا لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَكذا ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وسمى عليه حين الذبح من اسماء الأصنام والأوثان وسائر المعبودات الباطلة فَمَنِ اضْطُرَّ منكم ايها المؤمنون الى أكل هذه المحرمات حال كونه غَيْرَ باغٍ خارج على السلطان العادل المقيم المقوم لأصول الشرائع ومعالم الدين وَلا عادٍ مجاوز عن الحدود الشرعية لغرض فاسد من انواع المعاصي وقطع الطريق والإباق وغيرها فَإِنَّ اللَّهَ المطلع على سرائر عباده وضمائرهم غَفُورٌ يستر عليهم زلتهم الاضطرارية رَحِيمٌ يقبل توبتهم عنها
ثم نهاهم سبحانه عن التقاول بالأقوال الفاسدة من تلقاء أنفسهم ومقتضى اهوائهم كما يقوله المشركون المسرفون فقال وَلا تَقُولُوا ايها المتدينون بدين الإسلام المنزل على خير الأنام لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ اى لشيء تصف السنتكم إياه الوصف الكذب يعنى قد ظهر انه كاذب بلا ورود وحى واذن شرع بل من تلقاء انفسكم افتراء ومراء بان تقولوا هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ وتنسبوه الى الله لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ تزيينا لقولكم الباطل وترويجا له كما قالوا ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا الآية إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ وينسبون عَلَى اللَّهِ المنزه عن مطلق الأباطيل الْكَذِبَ ظلما وزورا لا يُفْلِحُونَ ولا يفوزون بخير الدارين إذ نفعهم فيما يفترون ويكذبون
مَتاعٌ قَلِيلٌ ومنفعة حقيرة لا اعتداد بها وَلَهُمْ بسبب ذلك في النشأة الاخرى عَذابٌ أَلِيمٌ مؤلم مؤبد لا نجاة لهم منه أصلا
وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا قد حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ يا أكمل الرسل مِنْ قَبْلُ في سورة الانعام حيث قلنا وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر الآية وَبالجملة ما ظَلَمْناهُمْ في تحريم ما حرمنا عليهم وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ اى هم ما يظلمون الا أنفسهم بارتكاب المعاصي والمناهي وترك المأمورات ورفض المندوبات لذلك عوقبوا وأخذوا بما أخذوا
ثُمَّ بشر سبحانه على عموم اصحاب المعاصي والآثام بالعفو والمغفرة والشفقة عليهم بعد ما تابوا وأنابوا الى الله وندموا عماهم عليه مخلصين فقال مخاطبا لحبيبه إِنَّ رَبَّكَ الذي بعثك يا أكمل الرسل الى كافة البرايا بشيرا ونذيرا يحسن ويرحم لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ والفعلة القبيحة والديدنة الشنيعة المذمومة في الشرع مع كونهم في حين ارتكابها ملتبسين متصفين بِجَهالَةٍ ناشئة من عدم التدبر والتأمل بوخامة عواقبها شرعا مع تدينهم وقبولهم احكام الشريعة او كانوا ممن لا يؤمن ولا يقبل ما ورد به الشرع ثُمَّ تابُوا وندموا مِنْ بَعْدِ ما ارتكبوا ذلِكَ السوء وَأَصْلَحُوا حينئذ بالتوبة والاستغفار ما أفسدوا على نفوسهم بالفسق والإصرار إِنَّ رَبَّكَ المحسن المفضل على التائب المخلص مِنْ بَعْدِها اى بعد التوبة
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 441